1- حدثينا عن نفسك، أين تسكنين وماذا تعملين في حياتك؟
اسمي سمر أبو حمدان من الطيرة، عمري 50 سنة، لدي 3 أولاد، بنت وولدين، عندي حفيد واحد، والحفيد الثاني سيصل عما قريب. أعمل بالكلية الأكاديمية بيت بيرل، وظيفتي هي مديرة مكتب المدير العام للكلية، أعمل هناك منذ 17 سنة.
2-قصي لنا سيرورة اكتشاف المرض، التشخيص والعلاج …
إكتشاف المرض:
إكتشفت المرض سنة 2012، فأنا أتعايش مع المرض منذ 10 سنوات، كنت بالعمل عندما أصبت بجلطة دماغية، خلال العمل بينما مكتبي مكتظ بالموظفين والطلاب! حينها أصابني شعور مخيف، لم أستطع الحراك أو التحدث، انتبه أحد الطلاب أنه يحدث معي أمر غير طبيعي، بقي هو وطالبة أخرى وحاولوا التحدث معي وقد طلبوا الإسعاف، تأخرت الإسعاف وقد وصلت بعد عشرين دقيقة أو أكثر، تم نقلي إلى المشفى، وبعد 6-7 ساعات من الفحوصات تم تشخيصي بشكل خاطئ وأن الذي حدث معي هو نوبة ذعر، وأعطوني دواء مهدئ، وطلبوا مني الراحة واستكمال الفحوصات بالعيادة. لمدة 3 أيام كنت أتكلم بصعوبة كبيرة، أتممت الفحوصات اللازمة، وبدأت بأخذ مميع للدم وحبوب مهدئة. خفت أن أمر بهذا الحدث مرة أخرى، وبالفعل تحقق خوفي! واصلت العمل وبعد سنة بـ 2013 حدث معي نفس الشيء وأصبت بجلطة دماغية، اكتشفوا بالمشفى أنه بالإضافة إلى الجلطة الدماغية لدي أنيميا قوية (فقر دم قوي) وتم تحويلي إلى قسم أمراض الدم، تبين بالفحوصات أن هناك خللًا وفوراً عملوا لي فحص لنخاع العظم.
بينما أنا أنتظر الطبيبة لكي تخبرني بنتيجة الفحوصات، كان عندي شعور قوي وتساءلت هل لدي سرطان دم ميالوما؟ لقد قرأت عن الأعراض وشعرت بأن لدي نفس الأعراض، أخبرتني الطبيبة أنني مصابة بمرض، فقلت لها: ميالوما؟ قالت لي: نعم، كيف عرفت؟ قلت لها: لقد قرأت عنه وأنت أكدت لي بأن شعوري كان حقيقيًا، طمأنتني الطبيبة وقالت لي: لا تخافي فهناك علاج.
بنفس اليوم الذي اكتشفت فيه أنّي مصابة بالميالوما، كنت في حفل توزيع شهادات الخريجين، كان يتوجب علي أخذ شهادتي، لذلك تماسكت وحضرت حفل التخريج، بالبداية كان عندي حوار مع نفسي وتساؤلات هل أنا بالفعل مصابة بالسرطان؟ أنا أتعلم، ولا زال أولادي بالمدارس، ولدي مخططات ولا أريد أن تتوقف حياتي!! بدأت بالدعاء يا رب أريد أن أعيش لأولادي ولا أريد أن أموت! بكيت كثيرًا. بعدها رجعت إلى عملي وأخبرت مديرتي التي بدورها أعطتني كل الدعم وأخبرتني أنها ستبقى معي بكل خطوة وفعلاً رافقتني بكل فحص، بكل علاج وكانت دائماً معي.
اكتشفت المرض ولكن واصلت التعلم والتعليم والعمل، وأكملت حياتي بشكل طبيعي، لأنني قررت أن أسيطر على المرض وليس هو الذي يسيطر عليّ. في نهاية العام 2014 ضعف جسمي كثيرًا، وضعفت مناعتي، ومرضت جداً وبعدها بقيت بالمشفى، جهاز المناعة لدي كان شبه معدوم وهاجمت الفيروسات جسمي، فمكثت بالمشفى مدة أسبوعين، وهناك أصبت بعدوى الالتهاب الرئوي الذي سبب لي أذى إضافي. عندما رآني الطبيب قال لي: لم أتوقع أن يحدث لك هذا. من الممكن أنني لم أعطي جسمي حقه بالراحة ولذلك تعبت كثيرًا. بهذه الفترة تركت العمل ووضعت هدف لنفسي أن أعتني بنفسي جيًدا، بقيت في البيت فترة 6 شهور، وتوجهت لعاملة اجتماعية، وبدأت بعلاج نفسي لأنني كنت أبكي كثيرًا من الخوف فأولادي صغار ولا زالت الحياة أمامي، وأريد أن أعتني بأولادي وليس العكس. بعد سنة ونصف رجعت للحياة وللعمل، والآن انا أعمل متابعة كل فترة، عندي ضغط، وأمراض بالقلب، ومايلوما، ولكننا سعيدون. علمت أولادي، ابنتي طبيبة وقد نجحت بامتحان الدولة لمزاولة المهنة، وتزوجت وأنجبت لي حفيدًا. وعندي ولد مهندس شبكات الكترونية، وولد تقني أجهزة، أوصلت أولادي لأهدافهم، تزوجوا واستقروا.
3-كيف تعرفت على جمعية أمين؟
باللحظة التي عرفت بها عن المرض، بحثت في جوجل، مع العلم أن الطبيبة قد حذرتني ألّا أبحث بجوجل لأنه هناك الكثير من التهويل في وصف المرض وأعراضه وعواقبه، من خلال البحث وصلت لجمعية أمين، تركت معلوماتي، بعدها تلقيت مكالمة من متطوع بالجمعية وهو أيضًا مصاب بالمايلوما، قصّ لي تجربته، وكيف مر بها، هو شخص فوق عمر الـ 60 سنة وانا كنت حينها في الأربعين من العمر، فهذه المحادثة هي التي أعطتني القوة، فهذا الشخص فوق عمر الـ 60 عمل زراعة وأكمل حياته، لماذا أنا لا أستمر بحياتي؟ الدعم القوي الذي حصلت عليه فعلًا قد أخذته من هذا الشخص بالرغم من دعم كل المحيطين. أشكره كثيرًا، ودائما أشعر بالامتنان تجاهه، وكلما رأيته أشعر بالسعادة لأنني أرى أنه قد مرت 10 سنوات ولا زلنا مستمرين.
4- حدثينا عن كيفية التعامل اليومي مع المرض، صفي لنا التحديات الأساسية التي تتعاملين معها بشكل يومي
التحديات: المرض له أعراضه، أوجاع يومية لا يمكن وصفها، كل الجسم يؤلم من الرأس حتى أخمص القدم، ترافقني الأوجاع 24/7، أكثر مكان يؤلم هو القدمين، وهنالك تعب كبير، لا يهم كم وقت أنام أشعر دائما بالتعب، يسيطر عليّ التعب والأوجاع وقلة النوم، عندما أنام أستيقظ من الآلام، من أكبر التحديات لي هي تقلبات النوم التي تواجهني يوميًا، حتى عندما أخرج إلى رحلات مع العمل، هم يتفهمون أنني لا أستطيع المشي كثيرا وهذا الشيء يقيدني. كل يوم أشعر أنني متعبة ويجب أن أستجمع قواي لكي أستطيع التماسك والوقوف على قدمي. لكن هذا الأمر لا يشكل عقبة أمامي، عندما عدت إلى عملي عدت للعمل بنصف وظيفة ومنذ شهرين عدت إلى وظيفة كاملة، لأنني عندما أكون لوحدي أشعر بالأوجاع أكثر، بينما بالعمل ألتهي ومخي يتشغل بأشياء أخرى ولا يفكر بالوجع. اليوم يمر، خلال الـ 8 ساعات لا أشعر بالوجع مثلما أشعر به عندما أكون لوحدي. انا أتحدى هذه التحديات وأشعر بأنني في حرب مع نفسي وأنني يجب أن أتغلب على الأوجاع، أريد أن أسيطر على حياتي ولن أسمح للأوجاع أن تسيطر علي.
كل يوم ألبس ملابسي وأذهب بكامل أناقتي حتى عندما أذهب لإجراء فحوصات، يكون الوجع من الداخل لكن الناس ترى القوة والضحكة المرسومة على وجهي.
5- ما هو أكثر شيء يساعدك بالفترات الصعبة؟
العمل: الجميع في العمل يعرف عن وضعي الصحي، عملي لا يتطلب جهد جسدي، يحتاج عملي إلى جهد عقلي، إذا كانت هناك حاجة إلى جهد جسدي فيساعدني الموظفون، يساعدوني كثيرًا ويُعطونني كامل الصلاحية بأن أخرج بأي وقت، وخلال الأسبوع لدي إمكانية يوم عمل من البيت.
جمعية أمين: آخذ دعمًا كبيرًا من مجموعات أصدقاء جمعية أمين التي تتألف من مرضى متعايشين مع المرض ويشاركون تجاربهم وخبراتهم على مر السنين، بالإضافة للقاءات الزوم وورشات العمل التي توسع مجال معرفتي، أسمع تجارب ناس آخرين وأيضًا أشاركهم تجربتي. تعطي جمعية أمين دعمًا لمريض المايلوما، فعلًا هي بيت للجميع، أي سؤال تريد أن تسأله تجده بالموقع، أو ممكن أن تجد الإجابة من خلال الاصدقاء بالإضافة لمجموعة الواتس آب، ومجموعة الفيس بوك التي يتم الإجابة على كل الأسئلة فيها. وأيضًا موقع الجمعية الذي به كل المعلومات عن كافة الفعاليات اللي تقيمها الجمعية من ندوات، جلسات، ومعلومات مهمة لكل مريض عن تحصيل الحقوق من التأمين الوطني، الأوراق المطلوبة بالإضافة لمساعدة بتمويل علاجات عاطفية وأسنان وغيرها، كل التفاصيل موجودة بموقع الجمعية أنصح الجميع بالتوجه للموقع لمعرفة كل التفاصيل.
أستطيع القول أن الدعم موجود من عدة جهات، هناك دعم من العمل، وهناك دعم من جمعية أمين، وهناك دعم من الأهل، كلهم جميعًا يعطوني الدعم لكي أكمل الطريق.
6- ما هي النصائح التي تعطيها للأشخاص الذين تم تشخيصهم مؤخراً بالمرض؟
نصيحتي لكل شخص ألا يستخدم جوجل كمصدر موثوق للمعلومات، ولا تقرأوا فيه، وأنصح دائماً بإبقاء الحوار بين المريض والطبيب.
نصيحة أخرى وهي المشاركة وإعطاء الدعم للآخرين لأن العطاء للآخرين يساعد ويعطي شعور بالرضا، من تجربتي أساعد كل شخص يمر بتجربة مماثلة، أساعد بكل شيء مررت فيه، رغم كل الأمراض التي أعانيها لا زلت واقفة على أقدامي. عندما أعرف عن مريض تم تشخيصه مؤخرًا لا أتردد برفع الهاتف وكلي ثقة أن هاتفي سيعطيه أمل ومساعدة. أحد الأمور التي أطلبها من مرضى الورم النخاعي المتعدد (الميالوما)، شاركوا ولا تخفوا الأمر، المشاركة تخفف الحمل والثقل، أن نخبئ مرضنا هذا شيء غير صحي ويزيدنا مرضًا.
7- من أين تستمدين الأمل في هذه الأيام؟
تعايشت مع المرض 10 سنوات، بالبداية كنت أقول أريد فقط أن أزوّج أولادي حتى أشعر أنني أنهيت مهماتي، ولكن عندما أتى حفيدي، شعرت أن ربنا أعطاني هدية وأعطاني أمل جديد وهدف للعيش من أجله، عندي وردة أريد أن أكبرها، أربيها، الأمل دائما موجود، ممنوع فقدان الأمل، دائماً يجب أن نقف على أقدامنا، خلقنا ربنا ولدينا وظيفة في الحياة، طالما هناك نفس يجب أن نستمر بالعطاء.
8- هل لديك مخططات للمستقبل القريب؟
مخططات: أحيانًا أقول فلنتركها للأيام، وأحيانًا أفكر لا، لا زالت هناك أمور أريد أن أعملها، أريد أن أتعلم أمور ليست أكاديمية فقط بل أيضًا في مجالات الصحة النفسية، الطبخ، علاجات وغيرها التي من الممكن أن تعطيني قيمة مضافة.
أتمنى أن استمر وأعطي من تجربتي للآخرين، وأنا دائماً جاهزة للتواصل وللمشاركة مع كل شخص عن تجربتي وكيف أدرت المرض ولم أسمح له أن يسيطر على حياتي، وفي النهاية أتمنى الصحة والعافية للجميع.