أنا م.ح. من إحدى قرى الشمال، أبلغ من العمر 68 سنة، خرجت للتقاعد قبل 4 أعوام بعد أن عملت كمعلم مدرسة ثم مدير لمدة 40 عامًا.
شعرت في عام 2009 ببعض الأعراض مثل آلام بالأضلاع والخصر وأسفل الظهر، فكرت أن يكون ذلك بسبب العمل، لكن عندما عملت فحص CT كان التشخيص بأنني مريض بالورم النقويّ المتعدد – الميالوما، فتمت إحالتي على الفور الى المستشفى لمباشرة العلاج.
خضعت لعمليتيّ زرع نخاع عظميّ من خلايا ذاتية. من وقتها وحتى اليوم أتناول عدة أنواع من الأدوية بشكل يومي.
عندما يعرف الانسان أنه مريض سرطان، غالباً ما يمر بمرحلة الصدمة والإنكار – لكنني تجاوزت هذه المرحلة بسرعة واعترفت بالواقع، ووجهت كل تفكيري نحو كيفية مواجهة هذا التحدي والتعامل معه. وكنت مقتنعًا بأن العمل هو وسيلة لتخطي الصعوبات والمشاق، لذلك استمريت بعملي بشكل عادي، حتى انني أحيانًا كنت أذهب في الصباح لتلقي العلاج الكيماوي وأعود مباشرة لعملي في المدرسة بشكل عادي، لم يكن أحد يعلم بأمر مرضي. وواصلت العمل وبقيت في وظيفتي حتى بلغت سن التقاعد.
هناك أمور يواجهها المريض تعتمد عليه وهناك جانب يعتمد على الآخرين، كنت مُضطرًا لأن أقنع نفسي بأنني أستطيع تخطي هذا الوضع، هذه الفكرة كانت المسيطرة علي لذلك كنت متأكد انني سأنجح بالتغلب على المرض. لأن الدخول الى مصيدة الخوف تُضعف الشخص، وأنا كنت ولا أزال انسانًا منطقيًا، فلم أُعطِ الخوف أكثر من حجمه.
أمر آخر ساعدني كثيرًا هو القراءة، قرأت العديد من الكتب، من بينها كتاب “السر”، الذي ساعدني كثيرًا، وقد علمني أن أكون أقوى وأتحدى الواقع. من جانب آخر، إننا عائلة كبيرة، لذا لم أشعر بأنني وحيدًا، فقد أحاطني أقاربي وأحبائي طوال الوقت بالمحبة، وقفوا إلى جانبي، وكانوا يزورونني كثيرًا، ويطمئنون عليّ، مما دبّ فيّ القوّة والعزيمة والاصرار، وتيقنت أن هؤلاء الناس يحبونني ويهتمون لأمري بحق وحقيقة، لذا، ممنوع أن أخيب أملهم فيّ. لقد وهبني أولادي وأحفادي الأمل بالحياة، فلا يقدّر قيمة الحياة إذا من اختبر وجرّب المرض.
خلال تجربة العلاج رافقتني بالبداية الطبيبة نوعا لافي، هي طبيبة تتحلى بالإنسانية علاوة على المهنية، وتسمح للمرضى أن يتوجهوا إليها بأي طلب أو سؤال في كل ساعات اليوم، وأنا أشكرها كثيرًا.
أعيش اليوم كمريض بمرض مُزمن، مثل مريض سكري، انتبه لنظام أكلي، أقوم بممارسة الرياضة (أمشي كل يوم 5-6 كلم) وأتناول الأدوية بشكل يوميّ. مرة سافرت لمدة أسبوعين الى إسطنبول وعندما عدت أشارت فحوصات الدم الى زيادة في المناعة. ساعدني السفر كثيرًا. ولكن، هنالك بعض الأدوية التي تُضعف المناعة، فأضطر أن آخذ إبر لرفعها.
تمر عليّ لحظات أتساءل فيها “إلى متى؟” لكني أعرف أنه لا يوجد حلّ نهائيّ أو سحريّ للمرض وليس هناك علاج يقضي عليه، بل الأدوية معدة كي نأخذها مدى الحياة. هذا التحدي يعتمد على قناعات الإنسان. وبنهاية المطاف لا يعتمد النجاح إلا على فهم الإنسان للأمور وقناعاته.
نصيحتي للذين يتم اكتشاف المرض لديهم “عليكم الخروج سريعًا من حالة الإنكار، واعلموا أن الطب اليوم متقدم جدًا ويساعد المرضى بكثير من الحالات، وأهم شيء أبقوا معنوياتكم عالية”.