في هذا الفصل توصف أساليب علاج المُضاعفات المختلفة التي قد تنجم عن المرض أو عن علاجاته. علاج هذه العوارض يسمى علاج مساند وقد يُعطى بالتوازي مع العلاج للمرض أو دون علاج للمرض نفسه. عادة، بعد الانتهاء من العلاج مع تراجع كم الأورام المرضية قد تشهر بتخفف المضاعفات الناجمة عن الورم النُخاعي المتعدد (الميالوما) والعوارض الجانبية. رغم ذلك، يجب أن نُعنى بها ونعالجها بهدف تخفيف الألم والمعاناة الجسدية والنفسية التي تنجم عنها.
ضرر بعظام الهيكل العظميّ
إحدى المضاعفات الشائعة لمرض الميالوما هو ضرر للعظام وآلام بالعظام. نحو 90% من مرضى الميالوما (الورم النُخاعيّ المتعدد) سيعانون في مرحلة ما خلال مرضهم من ضرر بالعظام.
عظامنا موجودة بحالة دامة من التفكيك والبناء. بحيث يتم التفكيك بواسطة خلايا تُسمى “أوستاكلستية” (خلايا ناقضة للعظم)، فيما يتم البناء بواسطة خلايا تُسمى “أوتسأوبلاستية” (خلايا بانية للعظم). عند الإصابة بالورم النُخاعيّ المتعدد (ميالوما) ينهار التوازن – المواد التي تفرزها الخلايا السرطانية (الميالوما) تتسبب بتفعيل فائض الخلايا الأوستاكلستية الناقضة للعظم وتقمع الخلايا الأوتسأوبلاستية البانية للعظم، وبذلك يحدث تفكك زائد للعظم يسبب بـ”حُفر” بالعظام (نقائل عظمية ليتية) وحتى لكسور (كسور باثوليجية).
علاج الأضرار العظامية:
- علاج البيسفوسفونات (أريديا أو زوميرا) – يُعطى العلاج مرة بالشهر حتى ثلاثة أشهر، ويهدف لوقف نشاط تفكك العظام وتشجيع بناء العظام. كما أنه يساعد على تخفيف الآلام، تثبيط تفكك وتدمير العظام ومنع “أحداث عظمية” – بما معناه – كسور أو نقائل عظمية ليتية جديدة. قد تكون عوارض جانبية لعلاج البيسفوسفونات كالغرغرينا لعظام الفكّ. هذه الظاهرة قد تحدث بالأخص في أعقاب عملية جراحية في فضاء الفم (اقتلاع، زرع، أو جراحة باللثة). لذلك يتوجب اجراء فحص أسنان شامل في عيادة الفم والفكين قبيل بدء اللاج، وفي حال اقتضت الحاجة إتمام اقتلاع أسنان وعلاجات اجتياحية قبل بدء علاج البيسفوسفونات. كذلك، يجب التشديد على اجراء فحوصات دم لمعاينة مستويات الكالسيوم والكرياتينين في الدم، لضمان أن لا ضرر يصيب نشاط الكِلى نتيجة استخدام العقار لفترة طويلة. بالتوازي مع تناول الأدوية، يُنصح بتناول مكمّلات غذائية كالفيتامين دي والكالسيوم (اذا كانت هناك إصابة بفرط الكِلسمية).
- دينوسوماب (Denosumab)، اكسجيفا (XGEVA) هو عقار آخر يمنع أحداث للعظام تصيب مرضى السرطان النُخاعي / الورم النُخاعي المتعدد (الميالوما). هذا العقار مصنوع من جسم مضاد أحاديّ النسيلة الذي يثبّط ويؤخر تطور ونشاط الخلايا الأوستاكلستية الناقضة للعظم، والتي يتعاظم نشاطها عند الاصابة بالسرطان النُخاعيّ (الميالوما). من ايجابيات الدينوسوماب مقارنة بالبيسفوسفونات بكونه لا يُفرز من الكِلى، ولذلك فإن احتمال الاصابة بعوارض جانبية كلوية ضئيل ويمكن استخدامه في علاج مرضى يعانون الفشل الكلويّ. مدى شيوع الاصابة بمضاعفة الغرغرينا في الفك، شبيه بشيوع الاصابة بالبيسفوسفونات (أريديا أو زوميرا).
- العلاج بالأشعة الموجهة موضعيًا بحسب الملاءمة الشخصية لكل مُعالَج ومريض، قد تستخدم في أحيان لتخفيف الأوجاع وتقليص الضرر على العظام.
- في حالات الضرر الكبير والصعب للعظام، يمكن إجراء عمليات جراحية للعظام لأجل تقويم العظام المصابة، في غالب الاحيان لعظام الأطراف أو الظهر، وفي أحيان حتى عملية جراحية لتقويم أو ازالة الفقرات المصابة في العامود الفقري.
- حينما يدور الحديث عن ضرر للفقرات يمكن الاستعانة بالعلاجات الأكثر تعقيدًا مثل: حقن دبق (اسمنت) العظم، البالون لرأب الحدبة، وغيرها المزيد.
حقن إسمنت العظم (Bone Cement) – لتقويم وتثبيت العظام، لتقويم الكسور الانضغاطية وتثبيت فقرات في العامود الفقري المائلة الى الانهيار. خلال العلاج يتم حقن المادة اللاصقة (الاسمنت)، في تخدير موضعيّ، إلى الفقرة المصابة.رأب الحدبة بواسطة بالون
(Balloon Kyphoplasty) – في هذا الاجراء نقوم بادخال ملاط مطاطيّ شبيه بالبالون إلى داخل الفقرة، ننفخه حتى تستعيد العظمة حجمها السليم، وحينها نحقن العظمة باسمنت العظم.
أمامكم محاضرة للأستاذة عيريت أفيفي – مديرة جهاز علاج الأورام السرطانية في مستشفى ايخيلوف بموضوع مرض العظام في الميالوما:
تمت المحاضرة في إطار سلسلة محاضرة عن الورم النُخاعيّ المُتعدد (الميالوما) بمبادرة مستشفى ايخيلوف في شهر آب/ أغسطس 2020
مستويات مفرطة من الكالسيوم في الدم (فرط الكِلسمية hypercalcemia)
التفكيك المُعجّل والمعزز للعظام يتسبب بافراز مفرط للكالسيوم إلى تيار الدم ونتيجة ذلك توجد نسب مرتفعة من الكالسيوم في الدم (فرط الكِلسمية hypercalcemia). هذه الظاهرة قد تتسبب بعدد من العوارض، بينها: الالتباس والبلبلة، الجفاف، الامساك، الارهاق أو الضُعف.
عادة ما يستوجب فرط الكِلسمية (hypercalcemia) المُعتبر المكوث بالمستشغلى لغرض العلاج، ومعالجة السوائل، المباشرة بعلاجات الورم النُخاعيّ المتعدد – الميالوما، منح محفزات أو ستيريودات وبيسفوسفونات (أريديا أو زوميرا). أحيانًا هناك حاجة أيضًا باستخدام الكلتسيتونين.
فقر الدم – الأنيميا
قد يطوّر بعض المرضى فقر الدم – الأنيميا والذي قد يتسبب بالارهاق والتعب والضُعف.
علاج فقر الدم بسيط وناجع:
- يمكن معالجة فقر الدم الخفيف حتى المتوسط بواسطة أدوية وعقاقير من عائلة الاريتروفواتون التي تساعد على تحفيز انتاج خلايا الدم الحمراء. من بين هذه الأدوية نذكر: binocrit, eprex, recormon .aranesp
- في حالات الاصابة بفقر الدم الخطر من المُتبع اعطاء نقل دم. عادة ما يتم اعطاء نقل دم لكريات الدم الحمراء المضغوطة، بعد اخراج الخلايا البيضاء وفحص وجود الفيروسات. من المُتبع اعطاء وجبات دم جرى معالجتها بالاشعاع لضمان أنه لم تبقَ من أي من بقايا الخلايا الليمفاوية في وجبة الدم المُعطاة، كي لا تهاجم خلايا المريض.
الضرر في الكِلى
الضرر للكِلى قد يسبب الارهاق والتعب، الضُعف، الغثيان، وفي حالات متفاقمة حتى اختلال التوازن الملحيّ وعمليات الأيض.
حينما يكون هناك ضرر للكِلى، تكمن أهمية كبرى ببدء العلاج أسرع ما يمكن بهدف إنقاذ أداء الكِلى. يشمل العلاج إعطاء سوائل، محفزات/ ستيريودات وعلاج للورم النُخاعيّ المتعدد – الميالوما. في حالات معيّنة قد يكون هناك ضرر خطير للاداء الكلوي وهناك حاجة للعلاج بشطف الكِلى (دياليزا).
التهابات
يعاني قسم كبير من المرضى من قمع جهاز المناعة، بحيث أنه نشهد انخفاض بانتاج كريات الدم البيضاء والأجسام المضادة السليمة، وهناك ميل لتطوّر التهابات / حرارة.
في أحيان يتم تشخيص الورم النُخاعيّ المتعدد – الميالوما في أعقاب تكرر التهاب الرئتين أو التهابات أخرى.
مع كل حالة اصابة بالحمى (حرارة أعلى من 38 درجة) يجب التوّجه مباشرة لاستشارة طبيب.
تُعالج الاتهابات بمنح مضادات حيوية حسبما تقتضيه الحاجة. تختلف الاعتبارات لبدء اعطاء علاج بالمضادات الحيوية (انتبيوتيكا) لدى مرضى الورم النُخاعي المتعدد – الميالوما منها لدى أشخاص يتمتعون بصحة كاملة. الميل هو للبدء بعلاج سريع بقدر الامكان بسبب ضعف جهاز المناعة
في حال وأن عدّ الدم منخفض يُنصح باعطاء علاج بمحفزات مستعمرات الخلايا من نوع عامل تحفيز مستعمرات الخلايا المحببة G-CSF (مثل: نويفوجين) التي تسبب بزيادة انتاج كريات الدم البيضاء.
مع ظهور التهابات صعبة تشير الى مستوى أجسام مضادة منخفض بشكل مُعتبر، أحيانًا ما نُقوم بإعطاء حقن مركزّ من بروتينات جهاز المناعة (غلوبولينات مناعية) إلى الوريد مباشرة (IVIg) . يُعطى نقل الدم في إطار أقسام العلاج النهاريّ، مرة بالشهر، بتقطير بطيء، قبل العلاج نقوم بفحص لمستويات الغلوبولينات المناعية في الجسد. إذا كان هناك نقص تام للغلوبولين المناعي أ – IgA لا نُجري العلاج خشية تطوّر رد فعل تحسسيّ صعب.
اثر الميل لتطور التهابات من المُتبع إعطاء مرضى الورم النُخاعي المتعدد علاجًا وقائيًا:
- للوقاية من عدوى بفيروس الهِربس النُطاقي – زوبيراكس (= اتسيكلوير). لمرضى يتلقون العلاج بأدوية من عائلات مؤخرات البروتيزومات (مثل فولكايد) نُعطي زوبيراكس طوال فترة العلاج وكذلك لمدة سنة بعد القيام بزراعة النُخاع.
- للوقاية من تطور التهاب رئوي – رسبريم – مرتين حتى 3 مرات بالأسبوع لمرضى يتلقون العلاج بالمحفزات (الستيريودات).
- لُقاحات ضد الانفلونزا الموسمية وضد التهاب الرئتين (بنيموفاكس، فيربنير).
الألم
قد يكون الألم مرتبطًا باصابات مرضية مختلفة كالاصابة بالعظام، بالكِلى، بالعضلات، بالأعصاب، وما إلى ذلك.
إلى جانب علاج المرض من المهم علاج الآلام بواسطة أخضائيي علاج الآلام.
يشمل علاج الآلام:
- يمكن الاستعانة بمسكّنات لا تحتاج لوصفة طبيّة، إلى جانب المستحضرات الأوبياتية (مورفين وكودائين)، وعقاقير وادوية مضادة للكآبة، ومضادات الاختلاج (أدوية مضادة للصرع) التي تخدم أيضًا لتخفيف الأوجاع العصبية. اثر ميل مرضى الورم النُخاعي المتعدد (الصراع) للإصابة بالكِلى يجب الامتناع عن مستحضرات من مجموعة مضادات الالتهابات غير الستيريودية (NSAIDS) أمثال: ايروبروبين، أدفيل، نوروفين، ايتوبين، سلكوكسوف، فولتارين، وغيرها.
- القُنّب الطبيّ قد يساعد بموازنة الآلام.
- العلاجات من مجال الطب المكمّل وأسلوب حياة صحيّ، أمثال: العلاج الطبيعي، النشاط البدني المنتظم، الوخز الصيني، والتدليك.
- العلاج الاشعاعي أو الجراحيّ (كيبوبلاستي).
أمامكم حوار بموضوع تعامل مرضى الميالوما (الورم النُخاعيّ المتعدد) مع موضوع الألم بمشاركة د. روني تسابار ود. أوري روبيو.
د. تسابار هو مؤسس عيادات تسابار وخبير في الطب البليتيبيت.
د. روبيو هو نائب مدير معهد علاج الأورام السرطانية ومسؤول بعيادة الميالوما في المركز الطبيّ سوروكا.
تم هذا الحوار في إطار المؤتمر السنوي الثامني لجمعية آمين.
متلازمة فرط لزوجة الدم
ارتفاع مستويات البروتين أحادي النسيلة في الدم، قد يتسبب في حالات نادرة، بظهور دم ذو لزوجة عالية وسيل بطيء. هذه الظاهرة نادرة الحدوث فعلًا، لكنها قد تتسبب برؤية مشوشة وضبابية، آلام بالرأس، ودوخة.
يتم علاج هذه الحالة بواسطة اجراء يُسمى تبادل البلازما (بلازما برازيس). إنه إجراء يشبه شطف الكِلى (دياليزا) يتم خلاله استخراج الدم، شطفه واستبدال خلايا البلازما، وإرجاعه إلى جسد المريض.
اضطرابات في جهاز الهضم
تتسبب علاجات الورم النُخاعيّ المتعدد في عديد من الحالات باضطرابات شتى لجهاز الهضم، مثل: الإمساك، الإسهال، الحموضة والغثيان. تُعالج هذه الاضطرابات بواسطة التغذية، النشاط البدني والأدوية المناسبة:
- لعلاج الحُموضة – أومبرديكس
- للغثيان – برامين، زوفرين، سترون.
- للإمساك – يجب التشديد على الحركية والتنقل، الاكثار من تناول السوائل وحمية غنية بالألياف. كذلك يمكن تناول الخوخ المجفف وشرب عصير الخوخ. في حال اقتضدت الحاجة، يمكن الاستعانة بالأدوية التالية: دوبليكس، نورماليكس، ليكسادين.
- لعلاج الإسهال – يجب التشديد على احتساء الماء المُملح للوقاية من الجفاف. يُنصح بالاكثار من تناول الأرز، الموز، والتوست. حسبما تقتضي الحاجة، يمكن الاستعانة بمضادات الإسهاب كالايموديوم و- stop it.
الاعتلال العصبي
الاعتلال العصبي هو واحدة من العوارض الجانبية الأكثر شيوعًا للعلاجات. ينعكس الاعتلال العصبي بإصابة بالأعصاب الصغيرة في اليدين والأرجل. بصورتها الأضعف قد تسبب بشعور بالتنميل – تراجع الاحساس (“كفوف” أو “جوارب”). في حالات اكثر خطورة يتسبب بألم (ذو طابع “حرقة”) وحتى اعتلال عصبيّ وظيفيّ حركيّ.
في معظم الأحيان يتسبب الورم النُخاعيّ المتعدد – الميالوما بالاعتلال العصبي كإحدى العوارض الجانب للأدوية (مثل فولكايد أو تليدوميد). في حالات كهذه يُنصح بمراجعة احتمال تخفيف جرعة الدواء أو حتى التوقف عن تناوله. يمكن الاستعانة بأدوية مثل الليريكا أو سيمبالتا، وحتى قد يكون من شأن القًنّب الطبيّ أن يخفف من عوارض الاعتلال العصبي.
هناك احتمال أكبر لأن يصاب المرضى الذين يعانون من الاعتلال العصبي لأسباب أخرى (كالسُكري مثلًا) لتطوّر هذه المضاعفة. مرضى مصابون بالداء النشواني (العميلوايدوزيس) قد يعانون من الاعتلال العصبيّ على خلفية المرض ذاته.
اضطراب بجهاز الدورة الدموية
أدوية من عائلة الأميدات قد تتسبب بعدد من العوارض الجانبية. من بينها: حدوث خثرة (تخثر الدم) وجلطة في الأوردة العميقة. من المتبع اعطاء علاج مضاد للتخثر للوقاية بحسب مستوى خطورة واحتمال الاصابة بالتخثر. العلاج المتبّع: أسبيرين / كوميدين / كيلاكسين. في أحيان يمكن إعطاء أدوية مضادة للتخثر من الجيل الجديد.
تلخيص
يمكن علاج العوارض الجانبية للعلاجات ومضاعفات المرض والاستعانة بمتنوّع من العلاجات والأدوية. من المهم التأكد من عدم وجود تفاعليات بين العقاقير والأدوية وأن العلاجات المختلفة لا تناقض أحدها الآخر. لهذا الغرض، يُفضل استشارة الطبيب المُعالِج إزاء كل علاج تنوون تبنيه.
علاوة على ذلك، هناك متنوّع من الأواسط الداعمة والمكملة التي من شانها أن تساعدكم على مواجهة العوارض الجانبية المختلفة وتحسين جودة الحياة، على سبيل المثال:
- نشاط بدني مُلاءَم شخصيًا بحسب الوضع
- تغذية صحية ومكملات غذائية
- منام جيد
- تقليل التوتر بأساليب متنوّعة
أمامكم محاضرة لد. تمار تدمور حول العوارض الجانبية وكيفية علاجها.
د. تمار تدمور هي أخصائية علاج الأورام السرطانية من المركز الطبي بني تسيون، ومسؤولة عن مجال الليمفوما والميالوما (الورم النُخاعيّ المتعدد).
تمت المُحاضرة عام 2019 في إطار المؤتمر السنويّ الـ14 لجمعية آمين